المحكمة الأوروبية تلغي الشراكة الزراعية مع المغرب.. 5 أسئلة توضح لك القرار

أصدرت المحكمة الأوروبية خلال نهاية الأسبوع المنصرم قرارًا يقضي بإلغاء الاتفاق الفلاحي مع الرباط، في تطور مفاجئ للعلاقة المغربية الأوروبية دون سابق إنذار، فما حيثيات هذا القرار إذن؟

1. ما مفاد قرار المحكمة الأوروبية؟

تعتبر محكمة العدل الأوروبية أن الاتفاقيات الفلاحية بين المغرب والاتحاد الأوروبي باطلة، بسبب مشكلة الصحراء.

وكانت جبهة “البوليساريو”، التي تطالب بتقرير المصير بمنطقة الصحراء، قد رفعت دعوى قضائية لدى المحكمة الأوروبية في فبراير 2013 ضد الاتفاقية الفلاحية بين المغرب والاتحاد الأوروبي، متذرعة بأن هذه الاتفاقية تشمل المنتوجات الفلاحية الواردة من الصحراء دون أخذ وجهة نظرها بحكم “النزاع القائم”.

ويبين نص الحكم الصادر عن المحكمة الأوروبية، أن قرار الطعن في الاتفاق الزراعي مع المغرب، يأتي بمبرر أن “الاتفاق الفلاحي لم يشر بوضوح إلى استثناء منطقة الصحراء التي ما تزال منطقة نزاع”، وبالتالي حسب المحكمة فالاتفاق يخالف الوضع الدولي للصحراء.

ويحث القرار كل من الاتحاد الأوروبي والمغرب بتعديل بنود الاتفاقية الفلاحية بينهما، بحيث يتم النص على استثناء المنتجات الفلاحية الواردة من الأقاليم الجنوبية للمملكة.

هذا وقد تم توقيع الاتفاقية الزراعية بين المغرب وأوروبا منذ 2010، وصادق عليها البرلمان الأوروبي ، بعد جلسة شاقة من الجدال حولها.

2. كيف تلقته الجهات المعنية؟

بالتأكيد شكل القرار بالنسبة للرباط صدمة غير متوقعة، وقد عبرت الوزارة الخارجية المغربية عن اندهاشها إزاءه، مطالبة الاتحاد الأوروبي بـ”توضيح موقفه من اللبس الحاصل والمغالطات التي بنت عليها المحكمة الأوروبية حكمها الذي كان ذا طابع سياسي، ويتعارض مع الشرعية الدولية، ويهدد مستقبل العلاقات التاريخية الشاملة والإستراتيجية بين المغرب والاتحاد الأوروبي”.

من جانبها فدريكا موغريني الممثلة العليا لسياسة الأمن والشؤون الخارجية بالاتحاد الأوروبي أكدت أن الاتفاقيات الثنائية مع المغرب لا تقبل التشكيك، مضيفة: “إن الاتحاد الأوروبي سيصادق بالإجماع على استئناف قرار المحكمة الأوربية”.

بينما استقبلت جبهة البوليساريو بـ”ارتياح” قرار القضاء الأوروبي، باعتباره حسبها يؤكد قدرتها على اللجوء للعدالة ويكرس مواقفها السياسية، داعية العواصم الأوروبية إلى تبنيه.

بدورها الجزائر، الداعم الأول لجبهة البوليساريو، عبرت عن “ارتياحها” أيضًا للقرار، مشيدة في بيان لوزارتها الخارجية بـما تصفه “تأكيد مجلس الاتحاد الأوروبي في مرافعته على دعمه التام لجهود الأمم المتحدة”.

ويثير القرار ببطلان الاتفاق الفلاحي بين المغرب والاتحاد الأوروبي حفيظة كل من فرنسا وإسبانيا اللتين لديهما شراكة قوية مع المملكة، في حين لا تخفي بريطانيا والسويد تحفظاتهما تجاه هذا الأمر.

3. ما تداعيات هذا القرار على المغرب؟

يشكل قرار المحكمة الأوروبية المعلوم تداعيات سلبية على كل من المغرب والاتحاد الأوروبي.

يمثل القطاع الفلاحي بالمغرب الركيزة الكبرى للاقتصاد، ومن شأن وقف تصدير المواد الزراعية والسمكية نحو البلدان الأوروبية، إذا ما تم تطبيق قرار المحكمة، أن يؤثر بقوة في النشاط الفلاحي للمغرب، الأمر الذي قد يضعف السوق المالية للاقتصاد ككل ما لم يتم الاتجاه نحو أسواق أخرى.

يضع أيضًا القرار القضائي للمحكمة الأوروبية المغرب في موقف ضعف بخصوص ملف الصحراء، إذ يعني الحكم ضمنيًّا أن دول الاتحاد الأوروبي جميعها ما تزال لا تعترف بمغربية الصحراء، وهو يمثل ضربة دبلوماسية لصالح جبهة “البوليساريو” وحليفتها الجزائر، ما سيصعب على المملكة المغربية إقناع الرأي العام الدولي بـ”قضيتها الشرعية”.

لكن لن يكون المغرب وحده الخاسر في هذا الصدد، فالاتحاد الأوروبي يستورد من المملكة ما قيمته 26 مليار دولار سنويًّا بين مواد زراعية وثروة سمكية، وبدون شك التضحية بحجم هذه المعاملات سترتد عليه سلبًا، كما أن تنفيذه لقرار المحكمة يعني أنه يعرض مصالحه السياسية والأمنية، خاصة المرتبطة بالهجرة والإرهاب، للخطر.

4. ما السيناريوهات التي يتجه إليها الوضع؟

صادق البرلمان الأوروبي يوم أمس بالإجماع على استئناف الحكم الصادر عن محكمة العدل الأوروبية، القاضي بتجميد الاتفاق المغربي الأوروبي في المجال الفلاحي، ما قد يفهم منه بأن البلدان الأوروبية غير مستعدة لتقبل القرار والتخلي عن الشراكة المغربية.

 

وبحسب محللين فإن لدى المغرب العديد من الأوراق للضغط على الاتحاد الأوروبي بغية حثه على إيجاد مخرج قانوني يلغي حكم المحكمة الأوروبية في الاستئناف، كورقة السوق السمكية الرخيصة التي يوفرها المغرب لكل من إسبانيا وفرنسا، وكذا الدور الأساسي للمغرب في منع تسرب المهاجرين الأفارقة نحو حدود الاتحاد، علاوة على التعاون الأمني للمغرب مع دول الاتحاد فيما يخص ملف الإرهاب، ولا سيما بعدما قدم في الفترة الأخيرة معلومات استخباراتية مهمة لكل من فرنسا وبلجيكا.

أما إذا صدر حكم في الاستئناف يؤيد القرار، فإن المغرب سيتجه حتمًا نحو التصعيد كما تلمح الوزارة الخارجية، التي لم تستبعد إعادة النظر في جميع الاتفاقيات التي تجمع المملكة مع الاتحاد الأوروبي، وبالتالي تهديد الشراكة الاقتصادية والأمنية والثقافية والسياسية بين المغرب ودول أوروبا.

وتشير التوقعات وفق مراقبين إلى أن قرار الاستئناف سيأتي مؤيدًا للاتفاق الفلاحي، بالنظر إلى حجم الخسارة التي سيضحي بها الاتحاد الأوروبي إن ألغيت الشراكة الفلاحية مع المغرب، كما أن الأخير قد يكون مستعدًا في حال لزم الأمر لمنح امتيازات مثل “التعويض” للاتحاد مقابل الرجوع عن هذا القرار.

5. هل سبق للمغرب أن واجه مثل هذا القرار؟

شهدت العلاقة بين المغرب والاتحاد الأوروبي العديد من الأزمات، لكن سرعان ما يتم معالجتها للخروج منها بأخف الأضرار، كان أبرزها قرار البرلمان الأوروبي بإلغاء اتفاقية الصيد البحري مع المغرب نهاية 2011 لنفس المبرر المتعلق بالصحراء، بيد أن المغرب قبل بـ”التعويض” وعاد الطرفان لتوقيعها من جديد في 2012.

وفي شهر مايو 2014، أصدر الاتحاد الأوروبي قرارًا يقضي برفع أسعار دخول المنتجات الفلاحية المغربية إلى دول الاتحاد بذريعة حماية المنتوج المحلي، متراجعًا بذلك عن الأسعار المحددة سلفًا في العقد المبرم، ما شكل ضربة موجعة للفلاح المغربي.

على العموم، يرى بعض الخبراء أنه على المغرب التحلي بالحس الاستباقي تجاه القضايا الدبلوماسية والتجارية، بدل الاكتفاء بردود الفعل، والفهم الجيد للتحديات الأمنية والسياسية والاقتصادية التي تحيط بالبلاد، لتفادي أي انتكاسات قد تضر بمصالح المواطنين المغاربة.

 

المصدر :  http://www.sasapost.com/european_court_cancel_the_accord_with_morocco/

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *