بديل للمبيدات السامة ويوفر المليارات.. فيرومونات الديدان تحمي المحاصيل من مسببات الأمراض

طارق قابيل

أظهر باحثون بمعهد بويس طومسون في الولايات المتحدة الأميركية أن مركبات الأسكاروسيد المستخرجة من ديدان النيماتودا -وهي جنس من الديدان الأسطوانية المدمرة للنبات- يمكنها حماية نباتات المحاصيل مثل الأرز والقمح والذرة وفول الصويا من العديد من مسببات الأمراض النباتية الأخرى.

وكما هو موضح في البحث المنشور في عدد مايو/أيار الماضي من مجلة “فايتوباثولوجي”، ساعدت هذه المركبات في حماية المحاصيل الرئيسة من مسببات الأمراض المختلفة، وبالتالي فمن الممكن أن توفر مليارات الدولارات، فضلا عن زيادة الاستدامة الزراعية في جميع أنحاء العالم.

أسكاروسيدات فيرومونية
كانت حماية المحاصيل من الآفات ومسببات الأمراض دون استخدام المبيدات السامة هدفا بعيد الأمد للمزارعين، وعلى الرغم من أن “النيماتودا” تنتشر على نطاق واسع، ويمكن أن تقضي تماما على المحاصيل، فإن فريقا بحثيا بقيادة مورتي مانوهار كبير الباحثين في معهد بويس طومسون قام بدراسة تأثير مستقلب (مادة أيضية) للنيماتودا يسمى “أسكار 18” على صحة النبات.

وهذا المستقلب هو عضو من عائلة الأسكاروسيد الفيرمونية، التي ينتجها العديد من أنواع الديدان المستديرة التي تعيش في التربة للتواصل الكيميائي فيما بينها، وتتركب الفيرومونات من جزيئات عضوية معقدة تستعمل لنقل الإشارة، بحيث يستطيع الكائن المستهدف استكشافها بكميات ضئيلة جدا وهي محمولة بالهواء.

عالج الباحثون نباتات فول الصويا والأرز والقمح والذرة بكميات صغيرة من فيرومون “أسكار 18″، ثم قاموا بعد ذلك بإصابة النباتات بالفيروسات والبكتيريا والفطريات التي تتطفل على النباتات مسببة لها كثيرا من الأمراض.

وعندما تم فحص النباتات بعد بضعة أيام، كانت النباتات التي تمت معالجتها أكثر مقاومة لمسببات الأمراض مقارنة بالنباتات الأخرى غير المعالجة.


بعض المركبات المستخرجة من ديدان النيماتودا المدمرة للنباتات يمكنها حماية بعض المحاصيل (ويكيبيديا)
بعض المركبات المستخرجة من ديدان النيماتودا المدمرة للنباتات يمكنها حماية بعض المحاصيل (ويكيبيديا)

تعزيز المناعة
وفي عمل سابق، أثبت كل من دانيال كليسيغ وفرانك شرودر أعضاء الفريق البحثي أن الفيرومون “أسكار 18” يتسبب في زيادة مقاومة الآفات ومسببات الأمراض في نباتات الطماطم والبطاطس والشعير.

وقال البروفيسور شرودر للنشرة الإخبارية لمعهد بويس طومسون إن جذور النباتات تتعرض دائما للديدان المستديرة في التربة، لذا فمن المنطقي أن تتطور النباتات لتستشعر الآفة وتضع نظم المناعة لديها في حالة استعداد تحسبا للهجوم.

ونظرا لأنها تعزز أجهزة المناعة في النباتات بدلا من قتل الآفات ومسببات الأمراض، فإن الأسكارسيدات ليست مبيدات حشرية، ونتيجة لذلك فمن المحتمل أن تكون أكثر أمانا من العديد من الوسائل الحالية لمكافحة الآفات ومسببات الأمراض.

ويقول كليسيغ إن الأسكاروسيدات مركبات طبيعية تبدو آمنة للنباتات والحيوانات والبشر والبيئة. ويستطرد “أعتقد أنها يمكن أن توفر مزيدا من الحماية الصديقة للبيئة للنباتات ضد الآفات ومسببات الأمراض”.

نجاحات مبشرة
وقد نجح “أسكار 18” في حماية الأرز من عدوى المستصفرة الرزية، وهي نوع من البكتيريا التي تسبب خسائر في المحصول بنسبة 10-50% في البلدان الآسيوية.

كما نجح في حماية نبات القمح، ضد أحد أشرس الأمراض الفطرية الورقية، وحماية نبات الذرة من الإصابة بأحد مسببات الأمراض الفطرية التي تسبب لفحة أوراق الذرة الجنوبية.

ووفر الحماية لفول الصويا ضد العامل الممرض البكتيري ومسببات أمراض بكتيرية وفيروسية أخرى، وتكفي التركيزات الصغيرة للغاية من الأسكاروسيد لتزويد النباتات بالمقاومة ضد مسببات الأمراض.

ومن المثير للاهتمام أن التركيز الأمثل يبدو أنه يعتمد على الأنواع النباتية وليس على طبيعة العوامل الممرضة.

ويعتقد الباحثون أن السبب وراء اختلاف استجابة أنواع النباتات المختلفة للجرعات المثالية مرتبط على الأرجح بمستقبلات الأسكاروسيد في الخلية النباتية، ومن شأن هذه الاختلافات أن تؤثر بكمية الأسكاروسيد اللازمة لتحفيز الجهاز المناعي للنبات.

وتعمل المجموعة حاليا على تحديد الآليات الجزيئية للكيفية التي يقوم بها الأسكاروسيد للتحكم بالجهاز المناعي للنبات.

المصدر : الجزيرة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *