هل يراهن الملك على طبقة وسطى فلاحية تحرّك التنمية الاقتصادية ؟

وقف الملك محمد السادس في خطابه في افتتاح الدورة الخريفية للبرلمان على عدد من المشاكل التي يواجهها العالم القروي وسكانه، ووجه إلى الحكومة تعليمات من أجل خلق آليات لتحفيز الفلاحين على الانخراط في التعاونيات الفلاحية وتسهيل مأمورياتهم.

وقال الخطاب الملكي تحت قبة البرلمان إن “القطاع الفلاحي يُمكن أن يشكل خزاناً أكثر دينامية للتشغيل، ولتحسين ظروف العيش والاستقرار بالعالم القروي من خلال انبثاق طبقة وسطى فلاحية من شأنها أن تخلق توازناً وتساهم في التنمية الاقتصادية والاجتماعية على غرام الطبقة الوسطى في المدن”.

وأثار الملك محمد السادس إشكالية التقسيم المتزايد للأراضي الفلاحية وما ينتج عن ذلك من ضعف في الإنتاجية، كما لفت إلى الانخراط الضعيف في تجمعات وتعاونيات فلاحية منتجة، ودعا الحكومة إلى التفكير في أفضل السبل لإنصاف الفلاحين الصغار، خاصة فيما يتعلق بتسويق منتوجاتهم والتصدي الصارم للمضاربات وتعدد الوسطاء.

ومن شأن التعاونيات، خصوصاً الفلاحية، أن تلعب دوراً في الحركية الاقتصادية للعالم القروي، لكن عدداً من العوائق تحول دون ذلك؛ فالفاعلون في هذا الميدان يشتكون من غياب قانون إطار خاص، إضافة إلى ندرة الإحصائيات حول الاقتصاد التضامني والاجتماعي، ناهيك عن ضعف مواكبة الحكومة له من خلال التكوين والتسويق.

وفي رأي عبد الله سهير، رئيس الشبكة المغربية للاقتصاد التضامني والاجتماعي، فإن للتعاونيات أهمية كبرى في التنمية المجالية والاقتصاد الوطني، لكن الفلاحين يواجهون إكراهات تحول دون قيامهم بدورهم؛ منها ضعف قدراتهم وضعف المواكبة، وتعدد المتدخلين من القطاعات الحكومية، ومن بينهم وزارة الفلاحة والصيد والبحري والمؤسسات التابعة لها، وهو ما يطرح مشكلاً في المواكبة.

ولفت الباحث إلى أن التعاونيات تُعاني من ضعف التمويل من خلال القروض البنكية، وضعف تسويق منتجاتها، قائلا: “باستثناء المعارض الوطنية والجهوية، فإن منتجاتها لا تصل إلى المستهلك، وهو ما ينتج تذمراً لدى المتعاونين”.

وذلك ما أكد عليه الملك في خطابه حين قال: “يتعين التفكير في أفضل السبل لإنصاف الفلاحين الصغار، خاصة فيما يتعلق بتسويق منتوجاتهم والتصدي الصارم للمضاربات وتعدد الوسطاء”.

والحل، بحسب سهير، يكمن أولا في إصدار قانون إطار خاص بالاقتصاد الاجتماعي والتضامني، موردا أن “مشروعاً في هذا الصدد أُعد وصل إلى الأمانة العامة للحكومة ولم يخرج إلى الوجود إلى حد الساعة”، ضاربا المثل بـ “تونس التي استفادت من تجربة المغرب وسبقتنا اليوم لأنها تتوفر حاليا على قانون مؤطر للاقتصاد التضامني يعلب فيه العمل التعاوني الدور الأساس”.

وشدد رئيس الشبكة المغربية للاقتصاد الاجتماعي والتضامني على أهمية وضع برامج للتكوين والمواكبة بشكل مستمر، وتشجيع التعاونيات لتصل إلى مرحلة تثمين منتجاتها، والعمل في إطار سلاسل الإنتاج الخاص بالتعاونيات.

ويتوفر المغرب على حوالي 20 ألف تعاونية، لكن الانخراط فيها ما يزال ضعيفاً مقارنة بمستويات أوروبا؛ فهناك ما يقارب 600 ألف متعاون، أي بنسبة انخراط تمثل 1.76 في المائة من مجموع السكان، و5 في المائة من الساكنة النشيطة.

وتؤكد الأمم المتحدة على أهمية التعاونيات لمعالجة التفاوت في الدخل في جميع أنحاء العالم، وتعتبر أن النموذج التعاوني هو في المقام الأول من بين النماذج التي تشتمل على جوانب التنمية المستدامة في جوهرها، فضلاً عن كونه قائماً على القيم والمبادئ الأخلاقية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *