مياه معالجة تسقِي 1580 هكتارا شرق المملكة المغربية .. تدبير ضد التبذير

قال عبد النبي بعيوي، رئيس مجلس جهة الشرق، إنه في ظل فترات الجفاف المتلاحقة التي عرفتها مناطق الجهة انخرط مجلس جهة الشرق بصورة كبيرة في إعادة استعمال المياه المعالجة، عبر بلورة إستراتيجية للتدبير المستدام للمياه وضمان الحكامة في مجال تدبيرها، الأمر الذي استدعى من مجلس الجهة اتخاذ مجموعة من التدابير، من بينها خلق نقاط لتجميع الماء بمعدل 20 نقطة سنويا، لتصل إلى 100 نقطة في أفق 2020.

وأشار عبد النبي بعيوي، في كلمة له أثناء تخليد مجلس جهة الشرق لليوم العالمي للمياه، تحت شعار “حكامة جيدة في التدبير للحد من التبذير”، إلى أن “مشروع سقي أكثر من 1580 هكتارا من الأراضي انطلاقا من المياه المعالجة بمحطة التصفية بوجدة يعتبر أحد المشاريع الكبرى بالجهة؛ ناهيك عن مشروع خلق منتزه إيكولوجي بوجدة وسقيه انطلاقا من المياه المعالجة كمشروع طموح يترجم الإرادة الفعلية لجهة الشرق في الانخراط في توجهات الأمم المتحدة وتنفيذ توصيات قمة الأطراف حول المناخ التي نظمت ببلادنا، وزاد: “لا ننسى في هذا الصدد التذكير بالاتفاقية الهامة التي وقعت بفاس سنة 2009، في حضرة الملك محمد السادس، والتي شملت جهات المملكة الـ16 آنذاك، والتي أسست لوضع المعالم الكبرى للإستراتجية الوطنية حول الماء وتدبيره”.

وأوضح عبد النبي بعيوي أن واقع الموارد المائية بمنطقة جهة الشرق، والذي يتميز بالمحدودية وعدم الانتظام وازدياد الضغط والطلب على الماء، يفرض مضاعفة الجهود لمواكبة النهضة التنموية التي تشهدها المنطقة، خاصة تلك المتعلقة بتحسين جودة المياه، عبر المساهمة في إنشاء محطات للمعالجة، والحد من التلوث الصناعي، وكذا حماية الطبقات المائية، ومشاريع حماية المدن من الفيضانات، والعمل على تحويل المياه من المناطق ذات الوفرة نحو المناطق ذات الخصاص، والسعي إلى ضبط الموازنة بين العرض والطلب وترشيد استهلاك المياه.

كما أعرب عبد النبي بعيوي عن انخراط مجلس جهة الشرق في مواكبة ودعم النظم الجديدة الهادفة إلى تعبئة المياه، من قبيل التغذية الاصطناعية للفرشات المائية، واستعمال المياه قليلة الملوحة والمياه المستعملة بعد معالجتها، وتحلية مياه البحر، وكذا المساهمة في دعم البحث والتنقيب عم الموارد المائية الجوفية العميقة، لأن من شأن هذه المشاريع تحسين نسبة الولوج إلى الماء وضمان توزيع عادل للموارد المائية.

ومن جهته، أكد محمد مهيدية، ووالي ولاية جهة الشرق عامل عمالة وجدة أنجاد، أنه رغم المنجزات الهامة التي تم تحقيقها في قطاع الماء على مستوى الجهة، فإن هذا القطاع مازال يواجه عدة إكراهات، تتمثل في انخفاض الواردات المائية، وتفاقم حدة الظواهر القصوى، نتيجة التغيرات المناخية، في مقابل ارتفاع الطلب والاستغلال المفرط للثروة المائية الجوفية، بالإضافة إلى ضعف تثمين المياه المعبأة، وتلوث الموارد المائية الناجم عن التأخر الحاصل على مستوى التطهير السائل وتنقية المياه العادمة.

وأوضح والي الجهة أنه من أجل إعطاء دفعة قوية للسياسة المائية بالجهة، ورفع التحديات المرتبطة بقطاع الماء، وبمعية الأطراف المعنية من سلطات محلية ومجالس منتخبة وقطاعات حكومية، تم العمل على توفير وترشيد هذه المادة الحيوية، بكافة تراب الجهة، من خلال مجموعة من الأوراش الهادفة إلى تعميم الولوج إلى الماء الشروب، والمحافظة المستدامة على الموارد المائية عبر تعبئة الموارد المائية السطحية بواسطة السدود، من أجل دعم التنمية المحلية، واستكشاف واستغلال المياه الجوفية بشكل معقلن، ودعم اللجوء إلى الموارد المائية غير التقليدية، وعلى رأسها إعادة استعمال المياه العادمة بعد معالجتها.

وأشار الوالي إلى أن السنة الماضية عرفت إبرام اتفاقية شراكة بين الدولة ومجلس جهة الشرق، لإنـجـاز مشـاريـع مـنـدمـجـة في قـطـاع الـمـاء بـمختلف أقاليم الجهة، للفترة الممتدة ما بين 2016 و2020، بكلفة مالية تبلغ 1865 مليون درهم، وأضاف: “تتضمن هذه الاتفاقية مجموعة من المشاريع التي تروم تعبئة الموارد المائية عن طريق بناء السدود، وتعميم التزويد بالماء الصالح للشرب بالوسط القروي، وتنمية المراعي وخلق نقط الماء لإرواء الماشية، والتطهير السائل والحد من التلوث بالوسط القروي، والحماية من الفيضانات، وحماية المياه الجوفية/ عقود الفرشات المائية، ومحاربة التصحر والتعرية، والتحسيس، وكذا التكوين والبحث العلمي في هذا المجال”.

وفي السياق نفسه، وفي إطار الجهود المبذولة لضمان جودة المياه الجوفية والسطحية والاقتصاد في الماء، من خلال إعادة استعمال المياه العادمة المعالَجة لسقي الأراضي الفلاحية، تم رصد غلاف مالي يناهز 204 ملايين درهم في إطار رؤية وجدة الكبرى 2020، لمشروع سقي 1500 هكتار من الأراضي الفلاحية بالمناطق الحدودية، باستعمال 40 ألف متر مكعب من المياه العادمة المعالجة بمدينة وجدة.

تجدر الإشارة إلى أن الموارد المائية الطبيعية على مستوى جهة الشرق تتميز بمحدوديتها، إذ لا تتجاوز التساقطات المطرية في المناطق التي تعرف أعلى المعدلات 500 ملم سنويا، وتهم المناطق الجبلية فقط؛ في حين يصل هذا المعدل في المناطق الجنوبية والشرقية من الجهة إلى أقل من 200 ملم، لتنعدم تقريبا في أقصى جنوب الجهة.

كما يبقى المخزون المائي السطحي للمنطقة ضعيفا وغير منتظم في الزمان والمكان، بالإضافة إلى أن الجفاف بجهة الشرق أصبح معطى بنيويا. كما أن مسألة الماء والتطهير تضع الجيل الحالي وأجيال المستقبل أمام تحدي ندرة وارتفاع كلفة الماء، وهي الوضعية التي ستجعل جهة الشرق أمام تحديات أكبر اجتماعيا واقتصاديا وبيئيا، لأن ندرة الماء ترهن التنمية المستدامة ليس فقط على مستوى الجهة، ولكن بكل المجال الترابي الوطني ككل.

تعاطي مجلس جهة الشرق مع أهمية قضايا الماء عرف مسارعته، في أولى دوراته، إلى إعداد اتفاقية إطار حول الماء، تمت المصادقة عليها من طرف المجلس ومختلف الشركاء، تهم محاور أساسية من التعبئة وحماية الموارد المائية، إلى الماشية ودعم التطهير السائل، دون إغفال اقتصاد الماء ومواكبة هذه الأوراش بالتحسيس ودعم البحث العلمي.

المصدر :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *