مدينة الجديدة تحتضن مؤتمرا دوليا حول موضوع “بطاطس المغرب”

بقلم  : الدكتور الحسن اشباني

تعتبر زراعة البطاطس من بين أكثر الخضر استهلاكا بالمغرب، إذ يتراوح المعدل السنوي للفرد الواحد منها بين 35 و 40 كغ، مما يجعل منها جزءا من المعيش اليومي للأسرة الشعبية المغربية. وما حكاية أكلة البطاطس التي درسوها لنا الا نموذجا لتعلقنا بهذه الثمرة المباركة المستهلكة في الطاجين بلحم العجل او الدجاج او تقدم لنا على شكل سلطة او رقائق مقلية، فريتا او شيبسا.

يبلغ الانتاج السنوي من البطاطس 4,1 مليون طن، ويوجه أساسا الى السوق المحلي، في حين تتارجح اليوم صادراته بين 10 و30 ألف طن مقابل 100 ألف سنويا التي كنا نسجلها خلال سنوات الثمانينات و التسعينات!!! وبجانب هذا التدني المضطرد في الصادرات، لم تتوقف الواردات عن التزايد بحوالي 40 الى 60 ألف طن في السنة. امام هذه التحديات التي تواجهها زراعة البطاطس بالمغرب، جاء تنظيم هذه اللقاء الدولي المنعقد بالجديدة حول موضوع “بطاطس المغرب”، يوم 20 مارس 2014 ، والذي يهدف الى تحسيس المنتجين حول التقنيات وأساليب إنتاج ناجعة لمرحلتي ما قبل وما بعد جني المحاصيل وخاصة فيما يتعلق بالتخزين و التعبئة.وللحديث عن الانتاج و الأصناف و التسميد ومكافحة الآفات و التعبئة والقضايا التسويق والتجارة، تم دعوة مجموعة من المتدخلين في الداخل و الخارج وهم السادة : د. الحسن اشباني مدير البحث و منسق الوحدة العلمية لوقاية النبات بالمعهد الوطني للبحث الزراعـــــي بمكناس وأستاذ زائر في بعض كليات العلوم بالمملكة، والسيد كريستان دوكاتيون مدير المزرعة التجريبية التابعة لمركز الزراعـــــي للأبحاث التطبيقية لهاينو (CARAH) ممثل المركز ألوا لوني للبطاطس ببلجيكا، والسيد د. هانز كاك، رئيس مشروع مركز الجودة المغربي الألماني للفلاحة بألمانيا، و السيد بريس دوبوي، الإدارة الفيدرالية للشؤون الاقتصادية والتكوين والبحث (DEFR) اكروسكوب (AGROSCOPE) بمعهد العلوم للإنتاج النباتي بسويسرا، والسيد جيرار سيمولان، مدير التعاونية الفلاحية “نوار مواتيي (NOIRMOUTIER) بفرنسا، والسيد رشيد تحزيما، خبير في علم امراض البطاطس والأحياء الجزئية، ببلجيكا، والسيد برنار كير، مدير فرانس ابطاسيون (FRANCE OBTENTION)، ومدير الفيدرالية الوطنية لمنتجي شتايل البطاطس (FNPPT) بفرنسا، والسيد العربي اليعقوبي الإدريسي، خبير في الهندسة الصناعية والغذائية، والسيد محمد زهيدي، خبير في القضايا الزراعية والمؤسس المشارك لكرين سمايل (GREEN SMILE).

وقد حضر اللقاء الفاعلون في مجال زراعة البطاطس والمزارعين الذين يمثلون كل المناطق التي تحتضن البطاطس بالوطن، حضور كثيف بامتياز. ولقد كانت مناسبة للجميع للتعرف على التقنيات الجديدة التي تطبق في فرنسا وبلجيكا وسويسرا والتي ساهمت بشكل معبر على رفع الإنتاجية من جهة وتحسين تسويقها وتثمين منتوجها بشكل عام وخصوصا في المجال التحويلي، وفي نفس الوقت الوقوف على الإكراهات التي تحول دون الارتقاء بها في المغرب على غرار جيرانها الأوروبيين.

وبحكم حجم المعطيات الكبيرة التي جاءت بها مداخلات اللقاء، لا يمكن تنزيلها هنا في هذا الملخص المقتضب، ولكن في المقابل يمكن تلخيص التوجيهات المهمة التي انتهى إليها الحاضرون بخصوص وضعية زراعة البطاطس بالمغرب، إذ ان العاملين في هذه المجال لم يستطيعوا بعد تكوين قوة ضغط حقيقية تمكنهم من الدفاع عن مصالحهم، ربما لان اغلبهم من متوسطي و صغار المزارعين، وانه ان الأوان لتنظيم صفوفهم وهيكلة مجالهم من اجل مواجهة كافة العراقيل التي تشهده زراعة البطاطس بالبلد، يحفزهم في ذلك كون مستقبل هذا القطاع واعد وانه سيشهد لا محالة تحولات كبيرة، تفرض إيجاد قوة في نفس التحدي القادم. قوة تتجسد في العمل على إنشاء قطاع مستقل على غرار ما هو كائن في أعمال المضاربة الكبرى. وأجمع الحاضرون ايضا على ضرورة إطلاق جدي لإنتاج وطني من البذور السليمة المعتمدة، حتى يحد من التبعيات الأجنبية، التي هي مصدر كافة الآفات الصحية التي تشهدها زراعة البطاطس في الوطن.

إضافة الى الحد من الاستنزاف المالي المغربي الموجه للخارج وفي نفس الوقت استئناف التصدير الى أروبا وبشكل قوي، يساهم في تقليل حدة الميزان التجاري المغربي في المجال الفلاحي. فالدولة مدعوة الى الاهتمام بهذا القطاع، ويجب ان تسخر له جميع الإمكانيات حتى يصل الى الهدف الذي ينشده العاملون فيه.

البوابة العربية لأخبار الفلاحة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *