مهرجان اللوز بتافراوت .. مناسبة لإنعاش الاقتصاد وإبراز الثقافة

البوابة العربية لأخبار الفلاحة

أضحى مهرجان اللوز بمدينة تافراوت بوصوله إلى المحطة الرابعة، ضمن أهم المهرجانات الوطنية التي ترسم لنفسها مسارا مختلفا ومتميزا عن باقي المهرجانات على مستوى الكم أو الكيف، إذ أن هذا المهرجان يمكن اعتباره بشكل دقيق، مناسبة لتسويق مدينة تافراوت وتنشيط الحركة الاقتصادية بها وإبراز أهميتها السياحية باعتبارها منطقة تعج بالمناظر التاريخية النادرة، كما أنه يشكل فرصة لإظهار الإنفراد الثقافي للمدينة، خصوصا على مستوى لباس نسائها المتميز بشكل كبير.

IMG_0906

لماذا مهرجان اللوز؟

يقول منظمو هذه التظاهرة الثقافية والاقتصادية، إن مهرجان اللوز جاء لـ “إعطاء الإستمرارية ولتطوير احتفالية تقليدية تراثية لها عمق تاريخي لدى ساكنة المنطقة الذين يحتفلون منذ القدم بشجرة اللوز في فترة إزهارها”. مضيفين أن “هذه الشجرة تحتل مكانة محورية في الذاكرة المجتمعية التراثية لدى ساكنة جبال الأطلس الصغير الغربي، سواء على المستوى الثقافي أو الإقتصادي أو الفني”.

وتضيف “جمعية اللوز” الساهرة على تنظيم هذا المهرجان أنها سعت منذ تأسيسها إلى “بعث الروح في تظاهرة موسم اللوز وتطويرها وضمان استمراريتها من خلال التأسيس لمهرجان اللوز بمعايير تخضع لتيمة متميزة تجمع بين الأصالة والمعاصرة، وتتمحور حول العمل على رد الإعتبار لشجرة ومنتوج اللوز المحلي وتسيلط الضوء على سبل تنمية وإعادة هيكلة سلسلة اللوز، إلى جانب السعي إلى تشجيع وتعزيز مبادئ الإقتصاد التضامني من خلال خلق دينامية اقتصادية تستفيد منها التعاونيات الفلاحية بالمنطقة عبر مساعدتها على تثمين منتوجاتها وحفاظا على طابعها التقليدي”.

مأكولات محلية ببلدة تافراوت

وتشدد الجمعية على أن المهرجان استطاع من خلال دوراته السابقة أن يساهم في الدفع قدما بالدينامية التنموية الخاصة بسلسلة اللوز وكذا خلق نشاط اقتصادي مهم بالمنطقة خلال فترات المهرجان مما يجعل هذه التظاهرة كغيرها من المهرجانات تلعب دورا اقتصاديا مهما، كما استطاعت التظاهرة كذلك ترسيخ طابعها العلمي والفني وتسجيل اسمها كموعد ثقافي سنوي تتناغم فيه الثقافة بالتنمية والفرجة المتميزة.

معرض فلاحي صغير

من بين أهم المميزات التي يكاد ينفرد بها مهرجان اللوز، هو سعيه ليكون وسلة وصل بين عدد من العاملين في المجالات المرتبطة بالفلاحة وعدد من الزبناء الذين يفضلون المنتوجات الطبيعية على الأخرى الكيمائية أو المعدلة. فعلى هامش المهرجان الذي ينظم سهرات فنية كبرى، وندوات علمية وثقافية مهمة، إلى جانب أنشطة رياضية متنوعة، ومسابقات جهوية في الشعر، يعطي القائمون على المهرجان أهمية كبرى لمعرض المنتوجات التعاونيات الفلاحية.

ويشكل هذا المعرض فرصة نادرة للتعاونيات الفلاحية العاملة في المجال، من أجل ربط التواصل بينها وإبراز منتوجاتها لدى عموم الزوار، الذين يجدون ضالتهم في هذا المعرض، حيث أن بعض المواطنين أو السياح الأجانب يفضلون اقتناء بعض الزيوت والأدوية الطبيعية أوالمواد التجميلية من هذا المعرض على أن يقتنوها من مكان آخر.

زيت الأركان

وتقول مريم وهي أحد العارضات في هذا المعرض في تصريح لـ “مشاهد”، إن ملتقى المنتوجات الفلاحية، يشكل بالنسبة لها ولتعاونيتها، مناسبة هامة من أجل التعريف بالمنتوجات التي تسهر على إعدادها، وخلق تواصل بينها وبين التجار المهتمين بالمجال الذي تعمل به وخصوصا تجار الجملة، من أجل عقد صفات بيع بعد انتهاء المعرض، دون إغفال الحركة التجارية التي يخلقها من خلال بيع متوجاتها للمواطنين في المعرض بشكل مباشر.

ومن جانبه يؤكد “أحمد” وهو أحد الفلاحين المتواجدين أيضا بمعرض المنتوجات الفلاحية، في تصرح مماثل، أن هذا المتلقى الفلاحي بمثابة معرض جهوي صغير للفلاحة على غرار المعرض الكبير للفلاحة بمدينة مكناس، مشيرا إلى أن حضور بعض الفلاحة من مناطق سوس علاوة على فلاحة من مناطق الحوز، يشكل أكبر دليل على أن هذا المعرض سيكون له شأن في الدورات اللاحقة، وأن حضور أزيد من 26 عارضا يبرز أهمية التظاهرة بالنسبة لفلاحة جهة سوس ومناطق أخرى بالمغرب.

ترويج ثقافي وسياحي

إلى جانب الحركة الاقتصادية التي يخلقها المهرجان من قبيل خلق فرص شغل موسمية والنسبة الكبيرة في ملء الفنادق بالمدينة، فإن المهرجان يكون أيضا فرصة لترويج المآثر السياحية بالمنطقة وإبراز تفرد تافراوت على مستوى طريقة لبس نسائها وفتياتها بمختلف أعمارهم.

فمدينة تافراوت مدينة سياحية صغيرة على الطراز المعماري التقليدي، تقع على بعد حوالي 130 كلم جنوب أكادير عبر اشتوكة أيت باها، وحوالي 100 كلم شرق تزنيت. وهي بلدة صغيرة لديها موقع جغرافي جميل ورائع في قلب سلسلة جبال الأطلس الصغير مما جعلها في موقع مثالي بالمقارنة مع قرى أخرى في المنطقة.

ويكون مهرجان اللوز سببا في تنشيط الحركة السياحية بالبلدة، حيث يتم تنظيم جولات كل يوم أو رحلات إلى القرى المجاورة الغنية بالمعالم التاريخية (القصبة والبيوت التقليدية، والنقوش الصخرية القديمة، والهندسة المعمارية القديمة البربرية، ونظم الري القديمة، المطابع القديمة زيت الزيتون… الخ). كما يسمح أيضا باكتشاف مختلف التقاليد لسكان هذه المنطقة الجميلة من الأطلس الصغير.

نساء يردين الزي المحلي لبلدة تافراوت

أما الزي الذي ترتديه نساء وفتيات تافراوت فهو أول شيء يسترعي انتباه الزائر لهذه المدينة الصغيرة، حيث أن معظم الإناث يرتدين زيا يطلقن عليه محليا اسم “تالحفات” أو الملحاف، وهو ثوب أسود اللون يبلغ طوله أربعة أمتار وثمنه ما بين 120 و180 درهما حسب ما صرحت به أحد فتيات المدينة لـ “مشاهد” من عين المكان.

وتضيف الفتاة التي لم تشأ أن تكشف عن اسمها الحقيقي، أن “تالحفات” هو زي يميز إناث بلدة تافراوت عن غيرها من البلدات والقرى بالمناطق المحيطة بتافراوت. وهو زي ترتديه الإناث الصغيرات والسيدات الكبيرات على حد سواء. ويكون مزينا ببعض الرموز الأمازيغية كحرف الزاي أو “الخلالات” أي جمع خلالة وهي آلة ذات أصول أمازيغية تستعملها نساء المغرب من أجل شد طرف ثوب إلى آخر على مستوى الصدر، بما يمنح المرأة زينة وبهاء.

فتايات يرتدين الزي المحلي لبلدة تافراوت

وتضيف الفتاة ذاتها، أن ما يميز السيدة التافراوية بهذا الزي، هو أنها تلبسه على مدار اليوم وكل حين على عكس بعض مناطق المغرب الأخرى بالمغرب، حيث تكتفي النساء بلبسه في أوقات معينة، كخروجها في زيارة إلى منطقة أخرى أو زيارة أهلها في قرية قريبة. علاوة على ذلك تصرح الفتاة أن طريقة لباس الملحاف بالنسبة لنساء تافراوت هو مختلف تماما عن طريقة لبسه في مناطق أخرى، وهذا سر تفرد البلدة بهذا اللباس.

وتوضح الفتاة أن طريقة لبس الملحاف للسيدة التافراوية هو بسيط جدا، إذا تكفي بلف طرف منه حول خصرها وتضع الباقي على رأسها ووجها مما يجعله سهل الملبس ولا يقيد حركة المرأة أو الفتاة، علاوة على الجمال الذي يضفيه على السيدة أو الفتاة التي ترتديه، حيث لا يكون لباسا فضفاضا يقيد حركتها أو لصيقا جدا بجسمها يبرز مفاتنها.

وتلفت الفتاة في ختام حديها لـ “مشاهد”، إلى أن النساء والفتيات بالبلدة يرتدين الزي الأسود على طول مدار السنة، فما يرتدين “تالحفات” باللون الأبيض في المناسبات الهامة، كالأعياد أو الأعراس أو بعض الأفراح المهمة الأخرى.
المصدر:http://machahid.info

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *