إكراهات وعوامل مؤثرة في الإنتاج الفلاحي

هشام ضفير

    بقلم :  هشام ضفير

” إكراهات وعوامل مؤثرة في الإنتاج الفلاحي ”     

      ****************************

      

 

  يعرف القطاع الفلاحي تداخل عدة عوامل تؤثر سلبا في مصير الإنتاج ، وتفربك سلسلته أوتحول دون تحقيق النتائج المرجوة .

* الظروف المناخية : يلعب المناخ  دورا  كبيرا وحاسما في الميدان الفلاحي عبر العالم ؛ فهو يعتبر عامل لا يمكن للإنسان أن يتحكم فيه بالرغم من  التقدم العلمي وتوفر وسائل التكنولوجيا الحديثة ؛ ويصعب التكهن بنتائجه على الزراعة ، ويبقى السبيل الأوحد والطريق الأمثل للتعامل مع الظروف المناخية الأخد بكافة الإحتياطات اللازمة لتفادي الأضرار والخروج بأقل الخسائر.

* الآفات والأمراض: كثيرا ما يجد الفلاح والمزارع  الصعاب  ويكابد العناء في كيفية التعامل مع جملة من الآفات التي تصيب محصوله الزراعي بحكم كثرتها وتعدد أصنافها وتجددها الدائم ، مما يستعصي إيجاد الحلول والعلاج الناجع لها؛

في الماضي غير البعيد كان الفلاح يتعامل مع أمراض وحشرات مضرة محدودة ومعروفة  يتحكم فيها باستعمال مبيدات كيماوية محدودة وغير مبالغ فيها وبتدخل العالم البيئي البيولوجي عن طريق الحشرات النافعة والمتواجدة بكثرة في المحيط والتي تتغدى على الحشرات الأخرى المضرة بالزراعة،

لكن هذا المعطى الإيجابي لم يبقى له أثر منذ لجوءه إلى استعمال المبيدات بشكل مفرط وغير معقلن مما أثر بشكل سلبي على تواجد وحياة الحشرات النافعة التي ذكرنا دورها سلفا ، وجعل النظام البيئي يفقد توازنه وتختل موازينه معبدا الطريق فاسحا المجال أمام ظهور مجموعة من الأمراض الجديدة والتي لم تكن معروفة من قبل ولا يسمع لها حديتا مما يولد معطيات جديدة على أرض الواقع تفرض على الخبراء التحرك في البحت عن حلول علمية وعملية متجددة ومستمرة تواكب تطورات الآفات والمشاكل التي تواجه الفلاحة

أساليب وتقنيات الإنتاج: لا شك أن مستوى تطورالذي وصلت إليه الدول الفلاحية في العالم لم يكن بالصدفة ، بل كان امتداد لمجموعة من التراكمات  والأبحات العلمية والتقنية كلفتها سنوات من الجهد والإنفاق المالي الضخم ، مما جلها تقطع أشواط مهمة في التطور والتقدم خاصة في مجالات المكننة والتقنيات الحديثة  ،وتحاول تسويقها وتصديرها نحو جميع بقاع المعمور، خاصة نحو الدول التي تعتمدها في اقتصادها على القطاع الفلاحي بدرجة كبيرة كالمغرب على سبيل المثال ، وهذا ما نراه جليا وبالواضح وذلك باستقطابه للمؤسسات والشركات الأجنبية المتخصصة في جميع القطاعات ذات الصلة بالقطاع ، وذلك بدعوتهم للمشاركة  في المعارض التي تنظم ببعض المناطق والجهات المعروفة بالأنشطة الفلاحية كمكناس وأكادير على سبيل الدكر لا للحصر.

أعتقد أن المسؤولين عن تدبير القطاع الزراعي بالمغرب فطنوا لأهمية وضرورة التوجه إلى تبني سياسات جديدة منفتحة وذات رؤية مستقبلية كفيلة بالإلتحاق بالركب العالمي المتطور ؛والمعتمد أساسا على التكنولوجيا والنظم المعلوماتية ؛ وبدأ في مشوار القطع مع العشوائية والهواية في التسيير والتدبير خصوصا في الجانب المتعلق بالإنتاج  والذي بات يحتاج الآن وفي ظروف العولمة إلى البحث عن وسائل تقنيات جديدة تساهم في حل مجوعة من المشاكل وتسهل العمل على اليد العاملة وتخفف عليهم الأعباء.

العنصر البشري : يبقى الهاجس الكبير الذي يؤرق كل المهتمين والمسؤولين المرتبطين بالقطاع الفلاحي بالمغرب هو مستوى اليد العاملة ؛ وهل هي قادرة على الإنخراط في مسلسلا التقدم التقني أم لا.

فإذا ألقينا النظرة وقمنا بإحصاء العمال الذي يشتغلون في الفلاحة فلا يمكننا حصر تعدادهم في الآلاف أو في عشرات الآلاف بل في مئات الآلاف ،وهذا رقم مهم وضخم ؛ لكن المؤسف في الأمر أن أغلبهم أميون وغير مؤهلين ؛ مما يطرح العديد من الإشكاليات  تستعصي معها تقديم الحلول،

فمن المفارقات العجيبة وغير المفهومة إن صح التعبير وحسن المعنى أن العنصر البشري  المؤهل والمكون لا يجد موطأ قدم في ميدان وسوق الشغل بالرغم من الحاجة الماسة لهم؛ فإذا قمنا بعملية حسابية بسيطة نجد أن عدد المعاهد الفلاحية بالمغرب هو 45 معهد ومركز وكل معهد يخرج 100 شاب و شابة في السنة كمعدل تقديري مما يعني أن عدد الخريجين في يصل إلى 4500  في السنة ؛لكن المحظوظين منهم في ولوج سوق الشغل قلة قليلة ؛والباقي أغلبية كثيرة محرومة  تعاني الويلات وتئن من شدة الأوجاع وتذوق لذة البطالة بمرارة يستحيل إستساغتها  لأنهم قبل تخرجهم كانوا يحملون في أذهانهم صور وأحلام جميلة  ترسم لهم في السبورة وتدون في مناهج التدريس والتلقين ،وتسوق عبر وسائل الإعلام.

لكن ما ذنبهم إن لم يظفروا بكعكعة  إسمها الحق في العمل إسوة بغيرهم بغض النظر عن كفاء اتهم ؛ولماذا يتم التغرير بهم من طرف الدولة بمخططاتها وسياساتها حتى يقعوا في المأزق ؛ ويندمون على سنوات التكوين والتأهيل التي قضوها في المعاهد .

فإذا كان سوق الشغل عاجز عن استيعاب الآلاف من الخريجين، فلماذا تفتح المدارس أبواب الجحيم والمصير المجهول أمام الشباب الطامح إلى بلوغ مستقبل يفي بتطلعاتهم المشروعة ويرخي بظلاله على تنمية البلاد .

هنا إستوقفتني مبادرة لمجموعة من الشباب خريجي المعاهد الفلاحية ،بالإعلان عن تأسيس أول جمعية تحتويهم وتهتم بمشاكلهم وتدفعهم إلى تطوير الوعي المقاولاتي  وتبني المشاريع التنموية لأعضائها ومنخرطيها وذلك تحت إسم ” الجمعية الوطنية لخريجي المعاهد الفلاحية”.

أعتقد أنها فكرة تستحق الإشادة والتقدير ؛يجب الدفع بها إلى الأمام لتحقيق الغايات والأهداف التي أتت بها في قانونها الأساسي ؛حاملة معها بشرى و أمالا كبيرة لكل الخريجين في تحسين وضعيتهم وتوسيع دائرة التفاؤل وتقريب الأفق البعيد .

.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *