الهولشتاين السوسية بين المؤهلات العالية والمردودية المتواضعة.

 1476456_265560710263626_42431442_n

بقلم : ابراهيم الحجوجي

إن المؤهلات الوراثية للأبقار من صنف الهولشتاين تفوق ما تنتجه الأبقار في ضيعاتنا النموذجية في سوس. وعلاوة على العوامل المناخية الخارجة عن نطاق تدخل الفلاح، فإن هناك عوامل داخلية تتعلق بالتسيير.

نجح أصحاب ضيعات البقر النموذجية في سوس، في تربية وتكثير أبقار أصيلة ذات مواصفات عالية، وذلك بشهادة لجنة التحكيم في ملتقى الأبقار بتارودانت. حيث لم يخفي هؤلاء دهشتهم وانبهارهم بما وصل إليه القطيع السوسي من مواصفات عالية، تضاهي قطعان الهولشتاين في كل بقاع العالم. ولا شك في أن السبب وراء هذا التقدم الهائل في المجال الوراثي، هو اعتماد تعاونية سوس لتحسين نسل الأبقار لسياسة التحسين الوراثي في إطار برنامج التزاوج العقلاني، مع الإصرار على استعمال بذور أجود الثيران في العالم. ولكن رغم كل ذلك، قل ما تجد ضيعة نموذجية بسوس استطاعت الوصول إلى تلك النتائج القياسية التي يحصل عليها المنتجون في أروبا وأمريكا وأستراليا. سأحاول في هذا المقال أن أناقش بعض أسباب هذا التأخر، محاولا المساهمة في حل معضلة غياب المردودية التي أصبحت تهدد قطاع إنتاج الحليب في المغرب عموما وفي سوس خصوصا.

عوامل تتعلق بالمناخ :
إن البقر من صنف الهولشتاين بطبيعته أكثر تكيفا مع المناخ الرطب والبارد منه مع المناخ الجاف والحار. وهذا الأمر يفسر ضعف إنتاج الحليب في موسم الصيف مقارنة بموسم الشتاء. ويبدأ تأثر البقرة بالحرارة بمجرد تجاوز 25 درجة. ويظهر هذا التأثر في كمية إنتاج الحليب وفي انخفاض الخصوبة وزيادة مشاكل الولادة واحتباس التوابع (السلا). إن موجة حر واحد لها نتائج وخيمة على إنتاجية وخصوبة القطيع قد تمتد عواقبها إلى عدة أشهر. ومن هنا يمكننا تخيل مقدار الربح الضائع جراء الحرارة.
يتعامل المنتجون في بعض الدول الحارة مع هذه الظاهرة برش الماء داخل الإسطبل لترطيب الجو، مع رش الحيوانات بالماء ثم تجفيفها بالمروحيات الهوائية قبل دخولها إلى قاعة الحلب. وهذه الإجراءات نافعة جدا في ظروف الحرارة المرتفعة نسبيا، ولا يمكن الاعتماد عليها لمواجهة موجات الحر التي تتجاوز فيها درجة الحرارة 35 أو 40 درجة لمدة تزيد عن ثلاثة أيام.

عوامل تتعلق بالتسيير :
إن من نافلة القول، الحديث عن أهمية وضرورة الترقيم، لأننا بصدد الحديث عن الضيعات النموذجية، ولأن الترقيم أصبح في متناول الجميع. ولكننا سنناقش بعض ما يتعلق بتدوين المعلومات والملاحظات اليومية.
لا يُعقل أبدا أن تجد قطيعا من صنف الهولشتاين، يطمح صاحبه إلى مردودية مادية معقولة، ثم تجده قد ضيع معلومات هامة جدا مثل تواريخ الولادة أو التلقيح أو رقم الأم واسم الأب. بل يمكنني القول أن الضابط الأهم الذي يمكننا من خلاله أن نحكم على مدى قدرة الكساب على مواكبة التأطير القني هو مدى اهتمامه بتدوين المعلومات. فكم من تقني أو مهندس أو بيطري تخلى عن تأطير ضيعات كثيرة لمجرد أنه لم يجد المعلومات الكافية.
وللضيعات النموذجية في منطقتنا مستويات في تدوين المعلومات والملاحظات أنه :
– المستوى الأول : تواريخ التلقيح والولادة، اسم الأب ورقم الأم، التنقلات الخارجية (وفاة بيع شراء)
– المستوى الثاني : وقت بداية الشبق (ولو لم تلقح)، تشخيص الحمل، تأكيد الحمل، المراقبة الشهرية للحليب، تاريخ الغرز، الأمراض والعلاجات والتلقيحات.
-المستوى الثالث : الوجبات اليومية، قياس الكمية الغير مستهلكة من الوجبة، ملاحظة الروث، ملاحظة السوائل التي تخرج من الرحم، جهاز تعقب النشاط (الشبق والاجترار)، المراقبة اليومية للحليب، التنقلات الداخلية بين القطعان، تنقيط الحالة الجسمانية (السمنة)، تنقيط انسيابية المشي، تنقيط درجة الإتساخ …

يظهر جليا أن ضيعات المستوى الثالث ستحقق أكبر مردودية لأنها تتحكم في ظروف الإنتاج بكل تفاصيله. غير أن هذا المستوى ليس في متناول الجميع، فهو يتطلب استثمارات ثقيلة لا يستطيعها الكساب المنهك أساسا بضعف المردودية بسبب غلاء الأعلاف وتدني ثمن الحليب واللحوم.

لا شك في أن الدولة عملت على تشجيع التحسين الوراثي من خلال برنامج الضيعات النموذجية، ولكن يظهر جليا أن هذا غير كاف، لأن العامل الوراثي وحده لا يضمن إنتاجية جيدة ولا مردودية تحقق التنمية المستدامة المنشودة. فهل ستعمل الدولة أيضا على مواكبة المنتجين فيما يتعلق بتسيير الضيعات ؟
سؤال يطرح نفسه بإلحاح في وقت غابت فيه المردودية عن قطاع إنتاج الحليب.

ابراهيم الحجوجي

2 تعليقان

  1. الشاوي الحسين

    صحيح جزاك الله خيرا. و هناك عامل جودة التي لا يتحكم الكساب في أغلبها.

  2. الشاوي الحسين

    معذرة أقصد جودة العلف. لاحظ أغلب مربي الماشية نقص في الجودة بعد الزيادة الاخيرة في ثمن الحليب.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *